• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دور الفن في ثقافة المجتمع

محمود الربيعي

دور الفن في ثقافة المجتمع

◄النظرة إلى الفن

للفن إيجابياته وسلبياته، ولابدّ لنا أن نقف عند مواقف العلماء ورجال الثقافة والدين منه، إذ الفن أن يرتبط بالأهداف والنوايا في عمليتي البناء والهدم بنظر العلماء والباحثين في شؤون الثقافة والتربية والتعليم.

الفنون الجميلة

تسهم الآلة الموسيقية وخشبة المسرح وآلة التصوير والقلم والريشة واللوحة في التعبير عن مختلف الفنون الجميلة فهل كلّ ذلك مباح أم أنّ ذلك مقيد بشروط؟ وهل أنّ كلّ النتاجات الفنية التي تعرض على شاشة السينما والتلفزيون والمسرح نافعة وخالية من الأضرار والمفاسد؟ هذا هو ما يهمنا في هذه الدراسة المتواضعة ولعلّ هذا المقال يفسح المجال للجدل والنقاش العلمي والموضوعي خصوصاً ونحن نعيش مرحلة من الإرهاصات والانفعالات المختلفة في السياسة وفي شؤون المجتمع التي يغلب عليها طابع الاختلاف .

الأفلام والمسلسلات التلفزيونية

والفن باب واسع ومؤثر خصوصاً بعد إحداث التطور التكنولوجي لمختلف الأجهزة السمعية والبصرية التي ساعدت على نقل المعارف الفنية ونجاح عملية الدَبلَجة للأفلام والمسلسلات التلفزيونية والسينمائية.

الفنون المسرحية والإذاعية والتلفزيونية

ويمكن للمسرح أيضاً أن يؤدي رسالتة الإنسانية وأن يكون في خدمة المجتمع كبقية أبواب الفن الأخرى المختلفة. كما يمكن لمحطات الإذاعة والتلفزيون أن تعين على التواصل بين الشعوب وتسهم في توطيد العلاقات والمشاعر الإنسانية فيما بينها.

وسائل النشر المختلفة

كما تلعب الصُّحف والمجلات والنشرات والكُتُب الفنية دوراً لا يقل أهمية عن الوسائل الأخرى في الحضور الإنساني ورفد المجتمع باحتياجاته الثقافية.

الرسم والخط والنحت

وهناك وجوه أخرى للفن كالرسم والخط والنحت يمكن أن تلعب أيضاً دوراً مهماً في تأصيل الثقافة ونشرها في العالم وتساعد في خلق الوحدة الإنسانية والوطنية والشعبية، ولعلّ رساماً أو نحاتاً يؤثر في الناس أكثر مما يؤثر غيره في أي مجال آخر، وبالمقياس فإنّ مثل هذه الفنون تشد الناظر إلى حالات الإبداع والتعبير عن الموهبة التي وهبها الله للناس على أن لا تمس هذه المهن والحِرَف أية رموز محترمة ولاتتضمن إساءات وأن لا تدفع إلى الغرور أو المساهمة في أي نوع من الفساد.

المتاحف والمعارض الفنية

كما تستقطب المعارض والمتاحف قطاعات واسعة من المهتمين بشؤون الرسم والنحت ولابدّ من التفكير في طرق مناسبة لاستثمار مثل هذه الفنون لتصبّ في خدمة المجتمع وتحسين ثقافة الإنسان ونمو فعالياته الاجتماعية لخلق تواصل مستمر في الفكر والثقافة والإبداع والنمو.

الأكاديميات الفنية ورعاية الشباب

كما تلعب الجامعات والكليات والأكاديميات والمعاهد المتخصصة دوراً أساسياً في تطور الوجوه المختلفة للفن في العالم ولقد دأبت الدول على تشكيل وزارات مهنية لرعاية شؤون الفن والشباب.

ترويج القصص الأدبية والروايات

ويعتبر الفن وسيلة لعرض القصص التي تتناول سير حياة الأنبياء والعلماء والترويج لروائع القصص الأدبية الروائية العالمية من الملاحم الإنسانية بالإضافة إلى سير المشاهير من الناس المفكرين والمبدعين.

كيف ينظر رجال الأديان إلى الفن؟

الموقف من الموسيقى

يمكن تحديد موقف رجال الدين من الفن الموسيقي بالرجوع إلى فتاواهم حيث يعرّف العلماء الموسيقى المقبولة بأنّها تلك التي ل اتشتمل على ألحان أهل الفسق والفجور وبذلك فهي مباحة عندهم في هذا المعنى، ويقصد بذلك الموسيقى الهادئة التي ترتاح لها النفس وتسكن حال سماعها فتخلق الراحة والهدوء والسكينة، كما تلعب الأناشيد دوراً مهماً في تغذية الطفل والرجل والمرأة بنوع من التربية الروحية والنفسية خصوصاً تلك التي تترك وراءها آثاراً تربوية وثقافية نافعة ولهذا الاتجاه شواهد وآراء لا مجال لذكرها.

أزمة الفن وفهم القيم الفنية

وهناك أزمة في شأن الفن أثرت بشكل كبير على سلوكية المجتمعات وأدت إلى معارف وثقافات منحرفة تأثرت بالقيم الحديثة غير المنضبطة والتي أندفعت باتجاهات غير صحيحة وينبغي على المؤسسات التعليمية والفنية مراعاة مثل هذه الأمور.

التباين بين الأهداف والنوايا من استخدام الفن كوسيلة تربية وبناء وتثقيف

ويختلف الناس في أهدافهم ونواياتهم فقد يسعى البعض إلى خلق جوّ معتدل سليم يعتمد على الذوق الفني النبيل الذي يبني ولا يهدم ويُقَوِّم ولا يخرّب، وقد تكون النوايا سيئة تقوم على أساس اعتماد الصفقات والتجارات والسياسات التخريبية الهدامة التي تدفع إلى الشر وارتكاب الجريمة.

الحلال والحرام

إنّ أهم ما ينبغي العمل به هو التمييز بين ما هو مقبول وغير مقبول، فالإنسان السوي لا يحب الباطل والفساد وهو منطق الحلال والحرام فكلّ عدوان هو حرام، وكلّ دفاع مشروع هو حلال فالدفاع عن النفس والعرض والمال هو دفاع مقدس ومشروع، والاعتداء على النفوس والأعراض يُعَدُّ جريمة وعلى هذا الأساس يكون قبول الفن من عدمه.

عندما يكون الجنس وسيلة هدم لقيم الأسرة

ومما يؤسف له أنّ البعض يدافع عن التجاوز الحادث على القيم الأسرية والاجتماعية التي تعارف عليها الناس منذ القدم والتي حفظت لنا السلسلة الآدمية باحترام الحدود والتي فيها صيانة المجتمع والأسرة.

استخدام الفن كوسيلة لدفع الأفراد نحو ارتكاب الجرائم المختلفة

إنّ استخدام الفن كوسيلة تدفع الى ارتكاب الجرائم الجنسية والاعتداء على الأعراض وتجاوز الحدود الأسرية باسم الحرّية والتقدم لا يعدّ فنّاً وإنما استغلالاً وتعدياً للحدود الاجتماعية وهي في إتباع هذا النهج تشجع على ارتكاب جرائم القتل والسرقة وهو نوع من الممارسات غير الصحيحة التي لا تستند إلى الشريعة والقانون.

توظيف الآلة الموسيقية

والآلات الموسيقية على اختلاف أنواعها يمكن أن تشترك في الحصول على الأنغام وتوظف فعلها الصحيح في مجالات السينما والمسرح والتلفزيون على شرط أن تصب تلك الوظيفة في خدمة المجتمع وتخدم مهمة التربية والتعليم وتحسين الذوق الفني للإنسان، ولقد أصبحت الموسيقى جزءاً من المظاهر العامة التي لها علاقة بالملبس والسلوك والثقافة وأصبح الغناء بالمفهوم العام لا بالمفهوم الضيّق يقصد منه اللهو واللعب.

آراء العلماء والمفسرين

اللهو واللعب وفق منطق القرآن ورأي بعض المفسرين

قوله تعالى: (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ) (الأنعام/ 70).

ومن تفسير القرآن لعلي بن إبراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) قال: "وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا" يعني: الملاهي "وذكر به أن تبسل نفس" أي: تسلم "ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كلّ عدل لا يؤخذ منها" يعني يوم القيامة لا يقبل منها فداء ولا صرف (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ) أي أسلموا بأعمالهم (لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ).

وأقول: نفهم من قول المفسرين بشكل عام أنّ اللهو واللعب يقصد به الممارسات غير الشرعية المخالفة للتعاليم الإلهية والتي تنتهك فيها الأعراض والأعراف والمقدسات.

آراء فقهية

أوّلاً: موقف علماء الدين من الغناء

يَعْتَبِر العالِم أنّ الغناء حرام فعله واستماعه والتكسب به، ويقصد بالغناء الكلام اللهوي الذي يؤدي بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب، كما لا يجوز قراءة القرآن الكريم، والأدعية الشريفة، والأذكار بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب، والأحوط وجوباً ترك قراءة غيرها من الكلام غير اللهوي شعراً أو نثراً بذلك اللحن، والغناء حرام مطلقاً، وأما المدائح التي تنشد بلحن جميل لا ينطبق عليه تعريف الغناء فلا مانع منها. (من فتاوي السيد علي الحسيني السيستاني فقه المغتربين).

ثانياً: موقف علماء الدين من الموسيقى

تُعتبر الموسيقى فن من الفنون الإنسانية كَثُر انتشارها هذه الأيام، بعض أنواع هذا الفن محلّل، وبعض أنواعه محرم، فالمحلَّل منه يجوز الاستماع له، والمحرم منه لا يجوز الاستماع له، وتعرّف الموسيقى المحلّلة: بأنّها الموسيقى غير المناسبة لمجالس اللهو واللعب، وأمّا الموسيقى المحرمة فهي الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب، والموسيقى المحرمة: هي ما تكون مناسبة لمجالس اللهو واللعب، وإن لم تكن مثيرة للغريزة الجنسية، وأما الموسيقى المحللة فهي: ما لا تناسب تلك المجالس، وإن لم تكن مهدئة للأعصاب كالموسيقى العسكرية والجنائزية. (من فتاوى السيد علي الحسيني السيستاني فقه المغتربين).

ثالثاً: موقف علماء الدين من الرقص

يجوز رقص المرأة أمام زوجها بقصد إسعاده وإثارته وغير ذلك، ولا يجوز لها أن ترقص أمام الأخرين من الرجال، والأحوط وجوباً لها أن لا ترقص أمام النساء أيضاً. (وعلى رأي السيد الخوئي يجوز رقص الرجال للرجال والنساء للنساء – باب الفتاوى – موقع السراج في الطريق إلى الله)، ويجوز التصفيق في الأعراس والمناسبات الدينية والمهرجانات والاحتفالات وغيرها، للنساء والرجال على السواء، ويجوز للزوجة أن ترقص لزوجها مع الموسيقى أو بدونها من دون أن يكون مصحوباً بالموسيقى المحرمة.

رابعاً: موقف علماء الدين من الرسم والنحت

لا يصدق الصنم على تماثيل الزينة، ولا يحرم اقتناؤها وإن كان الأولى تركه، وكذلك بالنسبة لدمى الأطفال، ويجوز رسم الشخصيات الكارتونية كاملة حتى لو كان الرسم مطابقاً له، وإنما لا يجوز على الأحوط صنع الصور المجسمة. (من فتاوى السيد علي الحسيني السيستاني فقه المغتربين). انتهى.

جولة ثقافية عامّة

الموقف من الرقص

وكما أنّ مطلق الغناء فيه إشكال فإنّ مطلق الرقص فيه إشكال فالغناء الذي لا يثير الشهوات ولا يبعث على الاشمئزاز بكلماته هو غناء معبّر عن أنماط من الشعر والنثر والحكم والأمثال التي لها آثار طيّبة في مجال التربية والتعليم ويتماشى مع الذوق الإنساني التربوي الذي لا يترك آثاراً سيئة على حياة الناس ومنهم الشباب والأطفال.

وكذلك الرقص فعندما يكون الرقص نوعاً من التراث الشعبي المرتبط بالعادات الإنسانية الجماعية التي تتميز بها الشعوب ويعبر عنه بحركات راقصة فإنّ ذلك يبعث على تنمية المشاعر الوطنية والإنسانية، فالتراث الشعبي الذي نراه في الريف المصري أو العراقي أو السوري أو التونسي، والتراث الشعبي لدول أخرى كبلغاريا ودول البلقان وبقية الدول الأخرى هو نمط من أنماط السلوك الشعبي التي لا تترك آثاراً مضرة.

وللأسف فإنّ الرقص والتمثيل وُظِّفا بطريقة تفقد الفن معانية الجميلة السامية التي تلعب دوراً في تهذيب النفس وترويضها على سماع النغم الجيِّد والرقص الفولكلوري الشعبي بحيث أصبح الفن متصبغاً بصبغة الثقافة غير المؤمنة بحرمة الإثارة الجنسية، وأصبحت تلك الاتجاهات تسهم في تأهيل الجسد للعمل في الأندية والملاهي وتستثمرها على صفحات مجلات الفنون التجارية وفي مجالات السينما والمسرح والتلفزيون وبشكل غير لائق أَثَّرَ تأثيراً سلبياً على السلوك بالشكل الذي أفسد الذوق العام خلافاً للتوجهات التربوية والتعليمية التي تدعو إلى تهذيب الطبائع والنفوس.

فن التمثيل والمسؤولية الاجتماعية

يعتبر التمثيل مهمة اجتماعية صعبة ومسؤولية تقع على عاتق الحكومات والدول التي تستوزر الرجال لقيادة الحركة الفنية لأداء دورها في المجتمع والعمل على نشر الثقافة من خلال السينما والمسرح والتلفزيون، فالسينما يمكن أن تسهم في عرض الأفلام الثقافية التي تسعى لبناء إنسان سوي يعرف كيف يفكّر ويخطط وينمي قابلياته الاجتماعية وخبراته الحياتية من خلال معالجة المشاكل التي يمرّ بها الناس، وكذلك المسرح يمكن أن تُؤدى على خشبته الرواية والقصة والملحمة والروائع الأدبية ويكون معبراً عن إرادة الجماهير وممارسة النقد الاجتماعي والسياسي، وأما التلفزيون فيشغل في هذا العصر مساحة واسعة من حياة الناس ويمكن بواسطة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية معالجة الكثير من المشاكل الاجتماعية بشكل لائق ويساعد على تخطي العقبات والحصول على الخبرة والنصيحة.

السينما والمسرح والتفزيون في مختلف بلدان العالم غاية ووسيلة

السينما والمسرح والتلفزيون سلاح ذو حدين إذ يمكن أن يكون كلّ منها وسيلة تدعو إلى القيم الفاضلة التي تعمل على صيانة المجتمع ودعم عملية التربية والتعليم وبناء الإنسان السوي بعيداً عن الانحراف والجريمة، ولقد ساهمت هذه الوسائل الفنية في التأثير على المجتمعات عن طريق عرض الأفلام والمسلسلات التاريخية التي تهتم بما يلي:

أوّلاً: سير الأنبياء: يمكن عرض سير حياة الأنبياء باعتبارهم قادة ومصلحين وقفوا بوجه الطواغيت والظالمين وتمكّنوا من صياغة أوضاع جديدة تلائم قيم العدل والسلام والعمل من أجل إسعاد الإنسان في المجتمع.

ثانياً: سير العلماء: كما يمكن عرض سير العلماء في أبواب العلم والدين والأدب والمعارف الإنسانية المختلفة وتناول آثارهم ومنجزاتهم.

ثالثاً: عرض الروايات التاريخية: ويمكن استثمار روايات مشاهير الكتّاب الذين كتبوا روائعهم وخطت أناملهم القصص الجميلة.

رابعاً: سير المشاهير: كما يمكن أيضاً تناول حياة العظماء الذين تركوا آثاراً وبصمات في حياة الناس بنتاجاتهم الفكرية والعلمية من قوانين ودساتير واكتشافات واختراعات.

خامساً: التمثيليات الاجتماعية الهادفة: ويمكن لهذه النشاطات وهي مهمة أن تساهم في نشر الوعي والثقافة التي تحقق الوحدة وتعزز القيم الفاضلة.

مخاطر أجهزة الكمبيوتر وشبكات الإنترنت

هناك أوجه تشابه كبير بين هذه العوالم وعوالم السينما والمسرح والتلفزيون فشبكات الإنترنت جامع لها وقد تكون أخطر بكثير من بقية الوسائل إذ أنّ استخداماتها فردية وقد تتم بسرية وكتمان بعيداً عن الرقابة العامّة للأسرة والمجتمع وقد تكون مخالفة للقانون.

وتعمل أغلب الدول على منع المحطات التلفزيونية الرسمية من بث أفلام الإثارة الجنسية أو التي تشجّع على القتل والإرهاب وإفساد الذوق الاجتماعي والتي تؤثر تأثيراً سيئاً على ثقافة الإنسان والمجتمع، وتتخذ هذه الدول مختلف أنواع الإجراءات كاستخدام الحواجز والأقفال بوجه الصغار من الذين لم يتجاوزوا سن الثامنة عشر كما هو معمول في بريطانيا، وقد تلجأ بعض الدول إلى منع الدخول إلى الشبكات التي تنشر الفساد في المجتمع وتعمل على تحطيم الروابط الاجتماعية والإنسانية كما هو عليه في الصين.

خاتمة

إنّ دور الفن لا يقل أهمية عن بقية العوامل المؤثرة في ثقافة المجتمع كالاقتصاد والعلوم والدين وبقية العوامل وينبغي أن يستغل الفن بشكل إيجابي يعمل على بناء المجتمع بشكل سليم كأداة تثقيف وبناء لا كأدوات لعب ولهو وإفساد أو دافع إلى ارتكاب الجرائم والمخالفات القانونية وعلى الدول والحكومات أن تضع قوانين وشروط تحفظ للأسرة حقوقها وتحفظ الأبناء من الانزلاق في مهاوي الرذيلة والفساد، وأن تكون الوسائل الفنية معبّرة عن إرادة الجماهير في عملية البناء والتقدم الحضاري والإنساني والله من وراء القصد.

ملحق الفتاوى المطابقة لفتاوى السيد السيستاني من كتاب فقه المغتربين لمؤلفه الدكتور السيد عبد الهادي الحكيم

تُعتبر الموسيقى فن من الفنون الإنسانية كَثُر انتشارها هذه الأيام، بعض أنواع هذا الفن محلّل، وبعض أنواعه محرّم، فالمحلَّل منه يجوز الاستماع له، والمحرّم منه لا يجوز الاستماع له، وتعرف الموسيقى المحلّلة: بأنّها الموسيقى غير المناسبة لمجالس اللهو واللعب، وأمّا الموسيقى المحرمة فهي الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب، والموسيقى المحرمة: هي ما تكون مناسبة لمجالس اللهو واللعب، وإن لم تكن مثيرة للغريزة الجنسية، وأما الموسيقى المحلّلة فهي: ما لا تناسب تلك المجالس، وإن لم تكن مهدئة للأعصاب كالموسيقى العسكرية والجنائزية، والغناء حرام كلّه، وهو على المختار: الكلام اللهوي الذي يؤتى به بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب، ويلحق به في الحرمة قراءة القرآن الكريم والأدعية المباركة ومدائح أهل البيت (عليهم السلام) بهذه الألحان، وأمّا قراءة سوى ذلك من الكلام غير اللهوي - كالأناشيد الحماسية - بالألحان الغنائية، فحرمتها تبتني على الاحتياط اللزومي، وأما اللحن الذي لا ينطبق عليه التعريف المذكور فليس محرّماً بذاته، وليس المقصود من عبارة (مناسبة الموسيقى أو الغناء لمجالس اللهو واللعب) هو كون الموسيقى أو اللحن الغنائي موجباً لترويح النفس، أو تغيير الجوّ النفسي، فإنّ ذلك جيِّد، ولكن المقصود بها أنّ السامع للموسيقى أو للحن الغنائي - خصوصاً إذا كان خبيراً بهذه الأمور - يميِّز أنّ هذا اللحن مستعمل في مجالس اللهو واللعب، أو أنّه مشابه للألحان المستعملة فيها، كما يجوز ارتياد الأماكن التي تُعزف فيها الموسيقى المحلَّلة، ويجوز الإصغاء المتعمَّد لها ما دامت محلّلة. ويجوز ارتياد الأماكن العامّة التي تُعزف فيها الموسيقى، حتى وإن كانت تلك الموسيقى مناسبة لمجالس اللهو واللعب، شرط عدم الإصغاء المتعمَّد لها، كصالات استقبال الزائرين، والقاعات المخصّصة للضيوف والحدائق العامّة، والمطاعم والمقاهي وأمثالها - إن كانت الموسيقى التي تعزف فيها مناسبة لمجالس اللهو واللعب - ذلك أنّه لا مانع من أن تسمع الأذن الألحان المحرَّمة من دون أن تقصد الإصغاء لما تسمع، ويجوز تعلُّم فن الموسيقى المحلَّلة في المعاهد الموسيقية المعدَّة لذلك، أو في غيرها من الأماكن الأخرى، للكبار والصغار على السواء، شرط أن لا يؤثر ارتيادهم لتلك الأماكن سلباً على تربيتهم وتنشئتهم الدينية، والغناء حرام فعله واستماعه والتكسب به، وأقصد بالغناء الكلام اللهوي الذي يؤدي بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب، كما لا يجوز قراءة القرآن الكريم، والأدعية الشريفة، والأذكار بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب، والأحوط وجوباً ترك قراءة غيرها من الكلام غير اللهوي شعراً أو نثراً بذلك اللحن، والغناء حرام مطلقاً، وأما المدائح التي تنشد بلحن جميل لا ينطبق عليه تعريف الغناء فلا مانع منها، وأما الموسيقى فتجوز إذا لم تكن مناسبة لمجالس اللهو واللعب، ويجوز رقص المرأة أمام زوجها بقصد إسعاده وإثارته وغير ذلك، ولا يجوز لها أن ترقص أمام الأخرين من الرجال، والأحوط وجوباً لها أن لا ترقص أمام النساء أيضاً. (وعلى رأي السيد الخوئي يجوز رقص الرجال للرجال والنساء للنساء – باب الفتاوي – موقع السراج في الطريق إلى الله)، ويجوز التصفيق في الأعراس والمناسبات الدينية والمهرجانات والاحتفالات وغيرها، للنساء والرجال على السواء، ويجوز للزوجة أن ترقص لزوجها مع الموسيقى أو بدونها من دون أن يكون مصحوباً بالموسيقى المحرمة.

لا يصدق الصنم على تماثيل الزينة، ولا يحرّم اقتناؤها وإن كان الأولى تركه، وكذلك بالنسبة لدمى الأطفال، ويجوز رسم الشخصيات الكارتونية كاملة حتى لو كان الرسم مطابقاً له، وإنما لا يجوز على الأحوط صنع الصور المجسمة.►

ارسال التعليق

Top